روائع مختارة | روضة الدعاة | زاد الدعاة | رسالة إلى الخطيب.. في دعوته

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > زاد الدعاة > رسالة إلى الخطيب.. في دعوته


  رسالة إلى الخطيب.. في دعوته
     عدد مرات المشاهدة: 4267        عدد مرات الإرسال: 1

أخي الخطيب... إن مهمّة الخطيب مهمّة جليلة عظيمة... فهو يقوم بتذكير الناس كل أسبوع في خير يوم طلعت فيه الشمس.

وهو يوم الجمعة.. العيد الأسبوعي للمسلمين، ويستعدّ الناس لهذا اليوم بالاغتسال واختيار أجمل الثياب.

والتبكير ومحاولة الاقتراب من الخطيب والإنصات.. والناس مُلزَمون با لتفــــــــــرُّغ للحضور والاستماع..

(ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله و ذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون. فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله و اذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) الجمعة.

ولذلك يجب على الخطيب أن يُقَدِّر مهمّته، ويستشعر عِظَم مسؤوليّته، ويتهيّأ للجمعة تهيُّــؤًا إضافيًّا آخر غير التهيُّؤ الذي يحصل من سائر الناس..

فالنــــاس يأتون طاعةً لِله وعبادةً له من أجل أن يستمعوا إلى الخطيب ويُصَلُّوا خلْفــــــــــه. و لا يوجد مثل ذلك عند غير المسلمين.

وعلى الخطيب أنْ يراعي مجيء الناس واستعدادهم وتفرُّغهم له، فيستعــــــدّ بمظْهَره ومخْبَره وخُطْبته لهذا الموقف كلَّ جمعة، بما يتناسب مع تنـــــــــــوُّع الناس في علومهم وأفهامهم ومستوياتهم. و عليه بالإخلاص والتحضير الجيّد احترامًا لعقول الناس، والحرص على الكلام المبسّط المركَّز القصير..

فإن الناس يملُّون وفيهم المريض والعاجز، و الإيجاز علامة الفقه، و لا ينبغي أن يشعر الحاضرون و كأنهم في حبْس الخطيب، بل ينبغي أن يخرجوا وهم منشرحون من خطبته متفَهِّمون لطرحه مستفيدون من كلامه، وعليه أن يعمل على مراعاة الواقع ومعالجته بحكمة من خلال الكتاب والسنة، و يستفيد با قتضاب من كلام الربانيين، ونثْر وشِعر الحكماء المجرّبين، وبطريقة التذكير والوعظ...

وينبغي ألّا تكتفي الخطبة بالنصوص دون تنزيلها على الواقع، ولا بتفصيل الواقع دون الاستهداء بالنصوص، و لا بالاكتفاء بالوعظ دون بيان ما بيّنه الشرع في دنيا الناس مما يحتاجون إليه، و لا بالاقتصار على سرْد أحكام الفقه بلا وعْــــــظ... بل ينبغي أن تلُمّ الخطبة شتات ذلك كله بإيجاز وبلاغة مفهومة و حرْصٍ ظاهرٍ على التزكية.

وقد ثبت أن الرسول عليه الصــــــــــلاة والسلام خطب بسورة (ق) كما عند مسلم، و كان الناس يفهمون القرآن تلقائيًا لأنه نزل بلغتهم المباشرة، و هذا يعطينا صورة عن شمــــــول الخطبة و عن مقدار مدة خطبة النبي صلى الله عليه وسلم... و خير الهدْي هدْي محمد صلى الله عليه وسلم...

ولا شك أن هذا يلقي عِبْءًا كبيرًا على الخطيب في كل أسبوع، ولكن الأجر على قدْر المشقة.. و مع الاستمرار والمثابرة سيعتاد الخطـــــيب ذلك ويسهـــــــُل عليه، و قد سئل عبد الملك بن مروان عن إسراع الشيب فيه.. فكان ردّه: كيــــــف لايُسرِع إليّ الشيب وأنا أعرض عقلي على الناس كلَّ أسبوع!....

ويكفي الخطيب أنه يمارس أفضل القول (و من أحسن قولًا ممّن دعــــــــا إلى الله و عمل صالحا وقال إنني من المسلمين) حم السجدة.

وأنه يُقَدّم الهداية للعديد من الناس (لَأَنْ يهدِيَ الله بك رجلًا واحدًا خيرٌ لك من حُمُرِ النَّعَم) متفق عليه. و لابأس أنْ يستخير الله في موضوع الخطبة، فهي أمرٌ ذو بال يستحق الاستخارة حتى يختار الله له الأصوب والأنفع والأنسب.

وقد كان عليه الصلاة والسلام يُعلّم أصحابه الاستخارة في الأمور كلها كما في حديث جابر عند البخـــــــاري، وكذلك يستشير أهل المشورة في موضوع الخطبة إن اقتضى الظرْف ذلك، و يدعو الله أن ينفع بخطبته، وبالله التوفيق.

الكاتب: محمد الصادق مغلِّس المراني

المصدر: موقع (لـُجينيات)